(وَ) اذكر (إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) بالمدينة؛ وهو غدوّه إلى أحد من حجرة عائشة رضي اللَّه عنها. روى: أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء، فاستشار النبي صلى اللَّه عليه وسلم أصحابه ودعا عبد اللَّه بن أبىّ ابن سلول ولم يدعه قط قبلها، فاستشاره، فقال عبد اللَّه وأكثر الأنصار: يا رسول اللَّه، أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم، فو اللَّه ما خرجنا منها إلى عدوّ قط إلا أصاب منا، ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه، فكيف وأنت فينا، فدعهم فإن أقاموا أقاموا بشر محبس، وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة، وإن رجعوا رجعوا خائبين. وقال بعضهم: يا رسول اللَّه، اخرج بنا إلى هؤلاء الأكلب؛ لا يرون أنا قد جبنا عنهم. فقال صلى اللَّه عليه وسلم: "إني قد رأيت في منامي بقراً مذبحة حولي، فأوّلتها خيراً، ورأيت في ذباب سيفي ثلماً فأولته هزيمة، ورأيت كأني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم"، فقال رجال من المسلمين قد فاتتهم بدر وأكرمهم اللَّه بالشهادة يوم أحد: اخرج بنا إلى أعدائنا. فلم يزالوا به حتى دخل فلبس لأمته؛ فلما رأوه قد لبس لأمته ندموا وقالوا:
بئسما صنعنا، نشير على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والوحي يأتيه، وقالوا: اصنع يا رسول الله. ما رأيت، فقال: "لا ينبغي لنبيّ أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل"، فخرج يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة، ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في ذباب سيفي) أي: طرفه الذي يضرب به، النهاية: وفي الحديث: "رأيت أن ذباب سيفي كسر، فأولته أنه يصاب رجل من أهلي، فقتل حمزة".
قوله: (لأمته)، النهاية: اللأمة مهموزة: الدرع، وقيل: السلاح، ولأمة الحرب: أداته، وقد تترك الهمزة تخفيفاً.