حيث هداه للنظر في أدلة العقل والاستدلال. ويجوز أن يكون تكريراً لقوله: (جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) أي: جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم من: خلق الطير، والإبراء، والإحياء، والإنباء بالخفايا، ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاطبة تواطأت على هذا القول، فكل من ادعى النبوة وقال بها كان رسولاً، قال القاضي: إنه دعوة الحق المجمع عليها بين الرسل الفارقة بين النبي والساحر.
قوله: (ويجوز أن يكون تكريراً) معطوف من حيث المعنى على قوله: (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) شاهدة على صحة رسالتي، واسم يكون ضمير يرجع إلى معنى قوله: (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)، (وَجِئْتُكُمْ) على "الأول" كرر ليعلق عليه معنى زائد، وهو قوله: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ)، وعلى الثاني كرر للاستيعاب، على منوال قوله تعالى: (ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك: 4]، قال: لم يرد بالكرتين التثنية، ولكن التكرير، أيك كرة بعد كرة، ولهذا قال ها هنا: أي: جئتكم بآية بعد أخرى، فيقدر ما يناسب تلك الآيات السابقة من كونه مولوداً وجد من غير أب، وكونه يكلم الناس في المهد، ومن هذه الأجناس، وإليه الإشارة بقوله: "مما ذكرت"، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) على هذا إذا قرئ بكسر (إِنَّ): استئناف، وبفتحها: تعليل لقوله: (فَاعْبُدُوهُ) قدم للحصر، ولا يجوز أن يكون بياناً أو بدلاً كما في الوجه الأول، لأن هذا ليس من جنس ما سبق ولا يناسب التكرير، ويؤيد هذا التقرير قراءة عبد الله، لما أن جمع الآيات مناسب للتكرير من حيث المعنى ومن حيث إن قوله: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) لا يصح أن يكون بدلاً أو بياناً، بل كان استئنافاً أو تعليلاً، قال القاضي: إرادة التكرير هو الظاهر، ليكون الأول كتمهيد الحجة، والثاني كتقريبها إلى الحكم،