ويجوز أن يكون (مُصَدِّقاً) مردودا عليه أيضا، أي جئتكم بآية وجئتكم مصدقًا. وما حرم اللَّه عليهم في شريعة موسى: الشحوم، والثروب، ولحوم الإبل، والسمك، وكل ذي ظفر، فأحل لهم عيسى بعض ذلك. قيل: أحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية له. واختلفوا في إحلاله لهم السبت. وقرئ (حرم عليكم) على تسمية الفاعل، وهو (ما بين يدىّ من التوراة)، أو اللَّه عزّ وجلّ، أو موسى عليه السلام؛ لأن ذكر التوراة دل عليه؛ ولأنه كان معلوماً عندهم. وقرئ: "حرم"، بوزن كرم (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) شاهدة على صحة رسالتي وهي قوله (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ)؛ لأنّ جميع الرسل كانوا على هذا القول لم يختلفوا فيه: وقرئ بالفتح على البدل من (آيَةٍ). وقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) اعتراض، فإن قلت: كيف جعل هذا القول آية من ربه؟ قلت: لأنّ اللَّه تعالى جعله له علامة يعرف بها أنه رسول كسائر الرسل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال القاضي: هو مقدر بإضمار، أو معطوف على معنى (وَمُصَدِّقاً)، كقولهم: جئتك معتذراً ولأطيب قلبك.

قوله: ((مُصَدِّقاً) مردوداً عليه أيضاً)، قال أبو البقاء: (مُصَدِّقاً): حال معطوفة على قوله: (بِآيَةٍ) أي: جئتكم بآية ومصدقاً.

قوله: (والثروب): جمع ثرب، وهو شحم رقيق قد غشي الكرش والأمعاء.

قوله: (ما لا صيصية له). الصيصية: شوكة الحائك التي يسوي بها السداة واللحمة، ومنه: صيصية الديك: ما يدفع به عن نفسه.

قوله: (لأن الله تعالى جعله) أي: قوله: (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ)، علامة، يعني الرسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015