وقيل: المحراب أشرف المجالس ومقدّمها، كأنها وضعت في أشرف موضع من بيت المقدس. وقيل: كانت مساجدهم تسمى المحاريب. وروى أنه كان لا يدخل عليها إلا هو وحده، وكان إذا خرج غلق عليها سبعة أبواب (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) كان رزقها ينزل عليها من الجنة ولم ترضع ثدياً قط، فكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء (أَنَّى لَكِ هذا): من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو آت في غير حينه والأبواب مغلقة عليك لا سبيل للداخل به إليك؟ (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) فلا تستبعد. قيل: تكلمت وهي صغيرة كما تكلم عيسى وهو في المهد. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنه جاع في زمن قحط فأهدت له فاطمة رضي اللَّه عنها رغيفين وبضعة لحم آثرته بها، فرجع بها إليها، وقال: هلمي يا بنية فكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزاً ولحماً، فبهتت وعلمت أنها نزلت من عند اللَّه، فقال لها صلى اللَّه عليه وسلم: أنى لك هذا؟ فقالت:
هو من عند اللَّه، إن اللَّه يرزق من يشاء بغير حساب. فقال عليه الصلاة والسلام: "الحمد للَّه الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل"، ثم جمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم علىّ بن أبى طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته، فأكلوا عليه حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو، فأوسعت فاطمة على جيرانها.
(إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ) من جملة كلام مريم عليها السلام، أو من كلام رب العزّة عزّ من قائل (بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير تقدير، لكثرته، أو تفضلاً بغير محاسبة ومجازاة على عمل بحسب الاستحقاق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فرجع بها إليها) أي: فرجع النبي صلى الله عليه وسلم مصاحباً تلك الهدية إلى فاطمة رضي الله عنها.