ومنه المثل: «خذ الأمر بقوابله»، أي فأخذها في أوّل أمرها حين ولدت بقبول حسن (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) مجاز عن التربية الحسنة العائدة عليها بما يصلحها في جميع أحوالها. وقرئ: (وكفلها) بوزن: وعملها، (وَكَفَّلَها زكَرِيَّا) بتشديد الفاء ونصب (زكرياء)، والفعل للَّه تعالى بمعنى: وضمها إليه وجعله كافلاً لها وضامناً لمصالحها. ويؤيدها قراءة أبيّ: (وأكفلها)، من قوله تعالى: (فَقالَ أَكْفِلْنِيها) [ص: 23]. وقرأ مجاهد: (فتقبلها ربها)، (وأنبتها)، (وكفلها)، على لفظ الأمر في الأفعال الثلاثة، ونصب (ربها)، تدعو بذلك، أي: فاقبلها يا ربها، وربها، واجعل زكريا كافلاً لها.

قيل: بنى لها زكريا عليه السلام محراباً في المسجد، أي: غرفة يصعد إليها بسلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقل: بتقبل، للجمع بين الأمرين: التقبل الذي هو الترقي في القبول، والقبول الذي يقتضي الرضا والإثابة.

قوله: (خذ الأمر بقوابله) أي: بمقدماته قبل أن يدبر ويفوت، وليس من العزم أن تمهله حتى يفوت منك ثم تعدو خلفه وتتبعه بعد الفوت.

قال الميداني: الباء في "بقوابله" بمعنى في، أي: فيما يستقبلك منه، يقال: قبل الشيء وأقبل، يضرب في الأمر باستقبال الأمور.

قوله: (مجاز عن التربية) أي: استعارة، فإن الزارع لم يزل يتعهد زرعه، بأن يسقيه عند الاحتياج ويحميه عن الآفات، ويقلع ما عسى أن ينبت فيه شوك لئلا يخنقه.

قوله: (العائدة عليها)، الجوهري: العائدة: العطف والمنفعة، يقال: هذا الشيء أعود عليك من كذا، أي: أنفع.

قوله: (وكفلها) بتشديد الفاء: الكوفيون، والباقون: بتخفيفها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015