فلو توسط بينهما عاطف لكان كما تقول العرب: بين العصا ولحائها، فالأولى: بيان لقيامه بتدبير الخلق، وكونه مهيمناً عليه غير ساهٍ عنه. والثانية: لكونه مالكاً لما يدبره. والثالثة: لكبرياء شأنه. والرابعة: لإحاطته بأحوال الخلق، وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب للشفاعة، وغير المرتضى. والخامسة: لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها، أو لجلاله وعظم قدره. قلت: لم فضلت هذه الآية حتى ورد في فضلها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقدرته محيطاً بهذه الأشياء، والإنسان بعض هذه الأشياء، فكيف يصح إحاطته بمن هو محيط به وبهذه الأشياء؟ وقال القاضي: إن هذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الإلهية، فإنها دالة على أنه تعالى واحد في الإلهية، متصف بالحياة، قائم بنفسه، مقوم لغيره، منزه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعتري الأرواح، مالك الملك والملكوت، مبدع الأصول والفروع، ذو البطش الشديد، الذي لا يشفع عنده إلا من أذن له، العالم وحده بالأشياء كلها: جليها وخفيها، كليها وجزئيها، واسع الملك والقدرة، ولا يؤوده شاق، ولا يشغله شأن، متعال عما يدركه، وهو عظيم لا يحيط به فهم.

قوله: (بين العصا ولحائها)، اللحاء، ممدود: قشر الشجر، يضرب لمن يدخل بين متخالين شقيقين، وهو ليس أهلاً لذلك، وأنشد:

سقياً لها ولطيبها ... ولحسنها وبهائها

أيام لم يلج النوى ... بين العصا ولحائها

قوله: (وتعلقه بالمعلومات كلها)، هذا إذا كان الكرسي مؤولاً بالعلم.

وقوله: (أو لجلاله وعظم قدره)، هذا إذا كان مؤولاً بالملك وبتصور العظمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015