. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي الهيثم: أن الإله المعبود يجب أن يكون خالقاً رازقاً مدبراً، ولعابده مثيباً ومعاقباً، ولو اختل من هذه الأوصاف وصف لاختل معنى الألوهية، هذا معنى ترتب الأوصاف على اسم الذات في آية الكرسي على سبيل الأخبار المترادفة، ولو دخل العاطف بينها لتوهم استقلال كل وصف في مصحح الألوهية، فإذاً، معنى امتزاج الأوصاف بعضها مع بعض كامتزاج حلو حامض في قولك: هذا حلو حامض، فلو توسط بينهما عاطف لكان كما تقول العرب: بين العصا ولحائها، ونظيره في الكناية عن الإنسان قولهم: حي مستوي القامة عريض الأظفار، فلفقوا لوازم مجموعة مانعة عن دخول ما عدا المقصود. وأما قوله تعالى: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)، فلما كان تذييلاً لمعنى الكبرياء والعظمة والعلا الذي اشتملت عليه الآية، أتى توكيداً وتقريراً لما سبق، فالواو للاستئناف، والله أعلم.
وجه آخر، وهو أن يقال: إن الجملة الثانية هي قوله: (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) على أن يكون خبر المبتدأ محذوفاً، و (لا تَاخُذُهُ سِنَةٌ): حالاً مؤكدة، كقولك: هو الحق بيناً، والجملة استئنافية مبينة للموجب، وذلك أنه تعالى لما أثبت لنفسه الفردانية في الألوهية الموجبة للعبودية، استلزم ذلك أن يكون حياً قائماً بتدبير عباده، وكونه مهيمناً عليه غير ساه عنه، فبينه بقوله: (الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَاخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)، والمدبر المثيب المعاقب، إنما يتمشى له التدبير إذا كان مالكاً على الإطلاق لا ينازعه منازع في ملكه وملكوته، كما قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا) [الأنبياء: 22]، فكان قوله: (لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)، المفيد للاختصاص بتقديم الخبر، بياناً لذلك، واستلزم ذلك كبرياء شأنه وعظمة سلطانه، فبينه بقوله: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، واقتضى ذلك إحاطته بأحوال الخلق وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب بالشفاعة وغير المرتضى فأردفه بقوله: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ)، وأوجب ذلك سعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها، فأوضحه بقوله: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)، الراغب: هو تأكيد لقوله: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ)، أي: إذا كان علمه ومملكته