كقوله: (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر: 67]، من غير تصوّر قبضة وطيّ ويمين، وإنما هو تخييل لعظمة شأنه وتمثيل حسيّ ألا ترى إلى قوله: (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ). والثاني: وسع علمه وسمي العلم كرسياً؛ تسميةً بمكانه الذي هو كرسي العالم والثالث: وسع ملكه؛ تسمية بمكانه الذي هو كرسي الملك. والرابع: ما روي: أنه خلق كرسياً هو بين يدي العرش دونه السموات والأرض، وهو إلى العرش كأصغر شيء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ألا ترى إلى قوله: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الزمر: 67]؟ ) أي: ألا ترى كيف دل هذا القول على العظمة، ثم جيء بقوله: (وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) [الزمر: 67] إلى آخره بياناً وتفسيراً له على طريقة: أعجبني زيد وكرمه! وسيجيء تقريره مستوفى في تفسير هذه الآية، قال الإمام: هذا القول منقول عن القفال.

قوله: (أنه خلق كرسياً)، الراغب: الكرسي في تعارف العامة: اسم لما يقعد عليه، وهو في الأصل منسوب إلى الكرس، أي: التلبد، والكراسة: المتكرسة من الأوراق، والمكروس المتراكب بعض أجزاء رأسه على بعض، وما روي أن الكرسي: موضع القدمين، وأن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد فصحيح، ومعناه لا يخفى على من عرف الله تعالى وعرف الأجرام السماوية ومجازات اللغة، ونظر من المعنى إلى اللفظ لا من اللفظ إلى المعنى، ومن لم يعرف ذلك فحقه أن يسلم ويترك الخوض فيما لا يعلم اتباعاً لقوله: (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) وليس فيه إثبات الجسمية كما أنه ليس في إثبات البيت له كونه ساكناً فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015