. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: النظم يقتضي أعم من ذلك، وأن يجعل التعريف في المرسلين وفي الرسل: للجنس، وأن يراد بالآيات جميع الآيات المذكورة من لدن مفتتح السورة، وتقريره: أنه سبحانه وتعالى لما بين بقوله: (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا) [البقرة: 23 - 24] الآية، أنه صلوات الله عليه نبي صادق ومعجزته هذا القرآن الذي بذ بفصاحته فصاحة كل ناطق، وشق ببلاغته غبار كل سابق، وما اكتفى بذلك، بل أتى بكل ما يتعلق بأمور الدين من التوحيد والأخلاق والديانات وأحوال الآخرة وقصص الأنبياء السالفة والأمم الدارجة وشيء صالح من الأحكام التي يناط بها أكثر أمور الأمة، وأطنب فيها كل الإطناب، ليؤذن به أن الكتاب كما أنه معجزة في نفسه، مشتمل على حكم وعلوم وأحكام يتوقف عليها أمر الرسالة، ولما أراد أن يرجع إلى ما بدأ به من إثبات نبوته ورسالته قال: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ) ليكون كالفذلكة لسائر ما ذكر، وكالتخلص إلى حديثه صلوات الله عليه، وأنه صلوات الله عليه نبي مرسل، وأنه أفضل الرسل على سبيل الترقي، كأنه قيل: تلك المذكورات كلها آيات الله ملتبسة بالحق الهادي إلى صراط مستقيم ليقرر بها أمر نبوتك الذي ثبت بالمعجزة القاهرة، وليعلم بها إنك لمن المرسلين الجامعين بين المعجزة والوحي وإنك من أفضلهم وواسطتهم؛ لأنك أعطيت ما أعطوا، وزدت على ما أعطوا، وهو هذا الكتاب الكريم.
فعلى هذا، التعريف في الرسل كما في المرسلين، وهو للجنس، والمشار إليه بقوله: (تِلْكَ الرُّسُلُ) هو الرسل على منوال قوله تعالى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف: 78] في أحد وجهيه، قال المصنف: قد تصور فراق بينهما عند حلول ميعاده، وأشار إليه وجعله مبتدأ وأخبر عنه كما تقول: هذا أخوك، وهو المراد من قوله في الوجه الثاني: "أو التي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أو المشار إليه ما يعلم من المرسلين وإن كانوا غائبين تفخيماً وتعظيماً لهم، و (الرُّسُلَ): صفة، و (فَضَّلْنَا): الخبر، وأما بيان كونه صلوات الله عليه أفضل المرسلين فهو