وقرئ: (غرفة) بالفتح بمعنى المصدر، وبالضم بمعنى المغروف. وقرأ أبيّ والأعمش: (إلا قليل) بالرفع؛ وهذا من ميلهم مع المعنى والإعراض عن اللفظ جانباً، وهو باب جليل من علم العربية، فلما كان معنى (فَشَرِبُوا مِنْهُ) في معنى: فلم يطيعوه؛ حمل عليه، كأنه قيل: فلم يطيعوه إلا قليل منهم، ونحوه قول الفرزدق:

لمْ يَدَعْ ... مِنَ الْمَالِ إلّا مُسْحَتٌ أوْ مُجَلَّفُ

كأنه قال: لم يبق من المال إلا مسحت أو مجلف. وقيل: لم يبق مع طالوت إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً. (وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعني: القليل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ: "غرفة" بالفتح) الكوفيون وابن عامر: بضم الغين، والباقون: بفتحها، قال الزجاج: معنى الفتح: المرة الواحدة باليد، والفتح مقدار ملء اليد، قال صاحب "الكشف": كان أبو عمرو يطلب شاهداً على قراءته غرفة بالفتح، فلما هرب من الحجاج إلى اليمن وخرج ذات يوم، فإذا هو براكب ينشد لأمية بن أبي الصلت:

ربما تكره النفوس من الأمر ... ما له فرجة كحل العقال

قال فقلت له: ما الخبر؟ قال: مات الحجاج، قال أبو عمرو: فلا أدري بأي الأمرين كان فرحي، أبموت الحجاج أم بقوله: له فرجة.

قوله: (وقرأ أبي والأعمش: "إلا قليل")، قال الزجاج: لا أعرف هذه القراءة ولا لها عندي وجه؛ لأن المصحف على النصب، والنحو يوجبها؛ لأن الاستثناء من الكلام الموجب ليس فيه إلا النصب، كأن قول المصنف: "وهذا من ميلهم" جواب عن هذا.

قوله: (لم يدع من المال إلا مسحت أو مجلف) صدره:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015