ولا أبتغي إلا الشاب النشيط الفارغ. فاجتمع إليه مما اختاره ثمانون ألفاً، وكان الوقت قيظاً وسلكوا مفازة، فسألوا أن يجرى اللَّه لهم نهراً، فـ (قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ) بما اقترحتموه من النهر، (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ): فمن ابتدأ شربه من النهر بأن كرع فيه (فَلَيْسَ مِنِّي): فليس بمتصل بي ومتحد معي؛ من قولهم: فلان مني كأنه بعضه؛ لاختلاطهما واتحادهما، ويجوز أن يراد: فليس من جملتي وأشياعى. (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ): ومن لم يذقه؛ من طعم الشيء، إذا ذاقه. ومنه طعم الشيء؛ لمذاقه. قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (قيظاً) بالظاء المعجمة، الجوهري: قاظ يومنا أي: اشتد حره.

قوله: (فليس بمتصل بي) يريد أن من في (مِنّيِ) للاتصال، كقوله تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ)، وقول النابغة:

إذا حاولت في أسد فجوراً ... فإني لست منك ولست مني

ويجوز أن تكون "من" للتبعيض، والمعنى: فليس من جملتي.

قوله: (من طعم الشيء: إذا ذاقه)، الراغب: الطعم: تناول الغذاء، ويسمى ما يتناول منه طعماً وطعاماً، وقيل: قد يستعمل "طعمت" في الشراب، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ)، وقال بعضهم: إمنا قال: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) تنبيهاً أنه محظور عليه أن يتناوله إلا غرفة مع طعام، كما أنه محظور أن يشربه إلا غرفة، فإن الماء قد يطعم إذا كان مع شيء يمضغ، ولو قال: ومن لم يشربه لكان يقتضي أن يجوز تناوله أكثر من غرفة إذا كان في طعام، فلما قال: (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) بين أنه لا يجوز تناوله على كل حال، غلا على قدر المستثنى، وهو الغرفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015