والظاهر أنّ المراد بالعلم المعرفة بما طلبوه لأجله من أمر الحرب. ويجوز أن يكون عالما بالديانات وبغيرها. وقيل: قد أوحي إليه ونبئ؛ وذلك أنّ الملك لا بدّ أن يكون من أهل العلم، فإنّ الجاهل مزدرى غير منتفع به وأن يكون جسيماً يملأ العين جهارة؛ لأنه أعظم في النفوس وأهيب في القلوب. والبسطة: السعة والامتداد. وروي: أن الرجل القائم كان يمدّ يده فينال رأسه. (يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) أي: الملك له غير منازع فيه، فهو يؤتيه من يشاء من يستصلحه للملك. وَاللَّهُ واسِعٌ الفضل والعطاء، يوسع على من ليس له سعة من المال ويغنيه بعد الفقر، (عَلِيمٌ) بمن يصطفيه للملك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اصطفاء الله، وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم، وثانياً بأن الشرط فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة أمور السياسة، وجسامة البدن ليكون أعظم خطراً في القلوب وأقوى على مقاومة العدو ومكابدة الحروب، لا ما ذكرتم، وثالثاً: أنه مالك الملك، فله أن يؤتيه من يشاء، ورابعاً: أنه واسع الفضل يوسع على الفقير ويغنيه، عليم بما يليق بالملك بالنسب وغيره.

وقلت، والله أعلم: قوله: (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) تكميل لقوله: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ)، لأن المراد بالأول: إثبات المالكية والقدرة الكاملة على جميع الكائنات، وبالثاني: إثبات علمه الشامل على جميع المعلومات، وهما كالتذييل لما سبق، ومن ثمة عم الحكمين، ووضع المظهر، وهو لفظة "الله"، موضع المضمر، وكرره، فالمراد بقوله: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ) إثبات العلم الخاص، وهو العلم بمصالح العباد كما قال المصنف: "يريد أن الله تعالى هو الذي اختاره عليكم، وهو أعلم بالمصالح منكم"، وبالزيادة في العلم والجسم: القدرة المخصوصة، والله أعلم بمراده من كلامه.

قوله: (يملأ العين جهارة) قال في "الأساس": جهرني فلان: راعني بجماله وهيئته، وجهرت الجيش واجتهرتهم: كثروا في عيني.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015