قلت: قد تكون الآية متقدّمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) [البقرة: 142]، مع قوله: (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) [البقرة: 144].
[(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ* كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) 241 - 242].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قد تكون الآية متقدمة في التلاوة وهي متأخرة في التنزيل) يعني: ليس ترتيب المصحف على ترتيب التنزيل، وإنما ترتيب التلاوة هو ترتيب الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: (كقوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ) [البقرة: 142] مع قوله: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ) [البقرة: 144])، وذلك أن تقلب وجهه في السماء مؤذن بأنه صلى الله عليه وسلم كان طالباً من الله الإذن بالتحويل؛ لأنها قبلة آبائه، والدليل عليه قوله: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوقع من الله أن يحوله إلى الكعبة لأنها قبلة إبراهيم عليه السلام وأدعى للعرب إلى الإيمان"، وهذا التوقع إنما يحسن إذا لم يسبق بقوله: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا) ويمكن أن يقال: إن قوله: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ) إخبار عن الكائن ووعد لحبيبه صلوات الله عليه أن يحوله إلى قبلة آبائه إبراهيم وإسماعيل، يعني لابد أن يحول القبلة إلى الكعبة ولابد أن يقول السفهاء: (مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا)، وقل أنت: (لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ)، وكان صلوات الله عليه يتوقع من ربه إنجاز وعده زماناً غب زمان، ويراعي نزول جبريل عليه السلام والوحي بالتحويل، فقيل له: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ) انتظاراً لما وعدناك، ننجز الوعد ونعطيك قبلة ترضاها.