والمعنى: أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا قبل أن يحتضروا بأن تمتع أزواجهم بعدهم حولاً كاملاً، أي: ينفق عليهنّ من تركته ولا يخرجن من مساكنهن، وكان ذلك في أول الإسلام، ثم نسخت المدة بقوله: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة: 243]. وقيل: نسخ ما زاد منه على هذا المقدار، ونسخت النفقة بالإرث الذي هو الربع والثمن. واختلف في السكنى، فعند أبى حنيفة وأصحابه: لا سكنى لهن. (فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) من التزين والتعرض للخطاب (مِنْ مَعْرُوفٍ): مما ليس بمنكر شرعاً. فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدمة المتأخرة؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والمعنى: أن حق الذين يتوفون عن أزواجهم) إلخ، هذا على تقدير الحال ظاهر، ومن ثمة قدر ولا يخرجن عن مساكنهن"، وأما على تقدير المصدر فالمعنى: يمسكن في البيوت إمساكاً غير إخراج، فإنه لما ذكر أنهم يوصون لأزواجهم ما تمتع به حولاً دل على أنهم لا يخرجون، فأكد ذلك بقوله: (غَيْرَ إِخْرَاجٍ)، وعلى تقدير البدل: فحق الذين يتوفون عن أزواجهم أن يوصوا لأزواجهم، أن: لا يخرجن من مساكنهن حولاً كاملاً، وعلى التقديرين لا يكون في الآية ما يدل على إيجاب النفقة، قال القاضي: سقطت النفقة بتوريثها الربع أو الثمن، والسكنى لها بعد ثابتة عندنا، خلافاً لأبي حنيفة، وقوله تعالى: (فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) هذا يدل على أنه لم يكن يجب عليها ملازمة مسكن الزوج والحداد عليه، وإنما كانت مخيرة بين الملازمة وأخذ النفقة وبين الخروج وتركها.

قوله: (كيف نسخت الآية المتقدمة؟ ) توجيه السؤال أن قوله تعالى: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة: 234] متقدم على هذه الآية في التلاوة، وهي ناسخة لها، ومن شرط الناسخ أن يكون متأخراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015