ومن البين فيه قوله تعالى: (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) [طه: 103]، ثم: (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) [طه: 104].
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ): فإذا انقضت عدّتهن (فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أيها الأئمة وجماعة المسلمين (فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ) من التعرّض للخطاب (بِالْمَعْرُوفِ): بالوجه الذي لا ينكره الشرع. والمعنى: أنهن لو فعلن ما هو منكر كان على الأئمة أن يكفوهنّ، وإن فرّطوا كان عليهم الجناح. (فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ) هو أن يقول لها: إنك لجميلة أو صالحة أو نافقة، ومن غرضي أن أتزوّج، وعسى اللَّه أن ييسر لي امرأةً صالحة، ونحو ذلك من الكلام الموهم أنه يريد نكاحها حتى تحبس نفسها عليه إن رغبت فيه، ولا يصرح بالنكاح؛ فلا يقول: إني أريد أن أنكحك أو أتزوجك أو أخطبك. وروى ابن المبارك عن عبد اللَّه بن سليمان عن خالته قالت: دخل عليَّ أبو جعفر محمد بن على وأنا في عدتي، فقال: قد علمت قرابتي من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وحق جدّي عليّ، وقدمي في الإسلام،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبقت يومه، ولم يلدها وولدته، ولأن الأهلة لليالي دون الأيام.
قوله: (ومن البين فيه) أي: ومن الدليل البين في استعمال العدد بغير التاء في الأيام ذهاباً إلى معنى الليالي قوله تعالى: (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) [طه: 103]، فإن المراد به الأيام، وإنما أنث فيه ذهاباً إلى الليالي بدليل قوله تعالى: (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً)، والتلاوة (يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً* نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً) [طه: 103 - 104].
قوله: (أو صالحة أو نافقة) أو: للتخيير والإباحة، عطف الأولين بأو، والآخرين بالواو؛ لأن المعنى أن يذكر أحد المذكورات أولاً مع أحد الآخرين بأن يقول: إنك لجميلة ومن غرضي أن أتزوج، مثلاً.
قوله: (وقدمي في الإسلام) في نسخة المعزي: بفتح القاف، أي: ثباتي، وفي نسخة الصمصام: بكسرها.