فإن قلت: فما تقول في قول الأعشى:
لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فما تقول في قول الأعشى)، توجيهه أن يقال: لزمك من تفسيرك لقوله تعالى: (لِعِدَّتِهِنَّ) بقولك: "مستقبلات لعدتهن" أن تقول في قول الأعشى:
أفي كل عام أنت جاشم غزوة
مستقبلاً للذي ضاع من حيض نسائك، والحيض لا توصف بالضياع؛ لأنهن لا يجامعن فيها، وإنما يوصف بها الطهر؟ وأجاب: "بأن القرء في البيت مستعار لطول المدة"، لكن بمرتبتين، ففي المرتبة الأولى هو مجاز من العدة لقوله: "من عدة نسائك"، ثم المراد من العدة لازمها، وهو طول المدة، يدل عليه إيقاع قوله: "أي: من مدة طويلة" تفسيراً له، ولما شرط في المجاز- الذي هو في المرتبة الأولى- أن يكون مشهوراً بالغاً مبلغ الحقيقة في التبادر إلى الذهن، قال: "لشهرة القروء عندهم في الاعتداد بهن"، وفيه تعسف، إذ العدول إلى المجاز إنما يصار إليه إذا انتهض الصارف، وقد تقرر أن اللفظ مشترك يحتاج في إرادة أحد معنييه إلى القرينة، وها هنا قامت القرينة على إرادة الطهر، فلا يجوز العدول عنه، وأما جوابه الثاني فهو أقرب من الأول. قال الزجاج: ذكر أبو عمرو بن العلاء أن القرء: الوقت، وهو يصلح للحيض والطهر، يقال: هذا قارئ الرياح: لوقت هبوبها، وأنشدوا:
شنئت العقر، عقر بني شليل ... إذا هبت لقارئها الرياح