صالح لكله وبعضه، فجاء في أحد ما يصلح له كالاسم المشترك. فإن قلت: فما معنى الإخبار عنهن بالتربص؟ قلت: هو خبر في معنى الأمر. وأصل الكلام: وليتربص المطلقات، وإخراج الأمر في صورة الخبر تأكيد للأمر، وإشعار بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنهن امتثلن الأمر بالتربص فهو يخبر عنه موجوداً، ونحوه قولهم في الدعاء: رحمك اللَّه! أخرج في صورة الخبر ثقة بالاستجابة، كأنما وجدت الرحمة، فهو يخبر عنها. وبناؤه على المبتدأ، مما زاده أيضاً فضل تأكيد، ولو قيل: ويتربص المطلقات، لم يكن بتلك الوكادة. فإن قلت: هلا قيل: يتربصن ثلاثة قروء، كما قيل: (تربص أربعة أشهر)؟ وما معنى ذكر الأنفس؟ قلت: في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث؛ لأن فيه ما يستنكفن منه فيحملهن على أن يتربصن؛ وذلك أن أنفس النساء طوامح إلى الرجال، ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (صالح لكله وبعضه)، هذا هو الذي عناه صاحب "المفتاح": أن الحقيقة من حيث هي هي صالحة للتوحد والتكثر، والحكم بأحدهما يعرف بالقرينة، كاللفظ المشترك، وها هنا قامت القرينة على أنها المطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء.
قوله: (وبناؤه على المبتدأ مما زاده أيضاً فضل تأكيد). قال صاحب "المفتاح": سببه أن المبتدأ يستدعي أن يسند إليه شيء، فإذا جاء بعده ما يصلح أن يسند إليه صرفه المبتدأ إلى نفسه، فينعقد بينهما حكم، ثم إذا كان متضمناً لضميره صرفه إلى المبتدأ ثانياً فيكتسي الحكم قوة.
قوله: (فيحملهن على أن يتربصن)، الراغب: التربص: الانتظار بالشيء، سلعة يقصد بها الغلاء أو رخصاً، أو أمراً ينتظر زواله أو حصوله، يقال: لي ربصة بكذا أو تربص.