فإن قلت: كيف جازت إرادتهن خاصة واللفظ يقتضى العموم؟ قلت: بل اللفظ مطلق في تناول الجنس ....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (بل اللفظ مطلق في تناول الجنس) أي: اللفظ شائع في جنسه مقيد ها هنا بقيدين. اعلم أن الجمع المحلى باللام يفيد العموم؛ لأن العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بوضع واحد، والمطلقات كذلك، لكن منع هنا مانع من الحمل عليه. قال الإمام: إنما يحسن تخصيص العام إذا كان الباقي بعد التخصيص أكثر، فإن العادة جارية في أن الثوب إذا كان الغالب عليه السواد يقال: إنه أسود، ولا يقال فيما إذا كان الغالب عليه البياض: إنه أسود، وهذه الآية من القسم الثاني، فإن "المطلقات" صالحة للمطلقات المدخولات ولغير المدخولات، ولذوات الأقراء ولذوات الأشهر وللحوامل، فأنتم أخرجتم عن عمومها أكثر الأقسام وتركتم الأقل، فإطلاق لفظ العام عليه غير لائق، وقال الأرموي في "الحاصل": مثال التقييد بالحكم قوله: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ). هذا وإن عند الحنفية على ما نقله البزدوي في "أصوله": دليل الخصوص مستقل بنفسه ومقارن للعموم، فيشبه الناسخ بصيغته؛ لأنه نص قائم بنفسه، ويشبه الاستثناء بمقارنته، حتى لو تراخى كان ناسخاً. وأيضاً، إن المطلق يوجب العمل بإطلاقه، فإذا صار مقيداً صار شيئاً آخر؛ لأن القيد والإطلاق ضدان لا يجتمعان، وإن التخصيص تصرف في النظم ببيان أن بعض الجملة غير مراد بالنظم مما يتناوله النظم، فالمخصص يتناول بعض العموم، والقيد لا يتناوله المطلق مطلقاً، فعلى هذا لا يجوز أن يكون (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وقوله: (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) تخصيصاً للمطلقات، لأنهما ليستا جملتين مستقلتين، فتعين أن تكونا قيدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015