بمعنى: لا تجعلوه شيئاً يعترض البر، من: اعترضني كذا؛ ويجوز أن يكون اللام للتعليل، ويتعلق (أن تبروا) بالفعل، أو بالعرضة، أي: ولا تجعلوا اللَّه لأجل أيمانكم به عرضة لأن تبروا. ومعناها على الأخرى: ولا تجعلوا اللَّه معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به؛ ولذلك ذم من أنزل فيه (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) [القلم: 10] بأشنع المذامّ، وجعل "الحلاف" مقدّمتها- و (أن تبروا) علة للنهى، أي: إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا- لأن الحلاف مجترئ على اللَّه غير معظم له؛ فلا يكون براً متقياً، ولا يثق به الناس؛ فلا يدخلونه في وساطاتهم وإصلاح ذات بينهم. اللغو:
الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره؛ ولذلك قيل لما لا يعتد به في الدية من أولاد الإبل: لغو. واللغو من اليمين: الساقط الذي لا يعتدّ به في الأيمان، وهو الذي لا عقد معه، ......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: إرادة أن تبروا) قيل: إنما قدر "إرادة" ليتحقق شرط حذف اللام، وهو المقارنة؛ لأن البر والتقوى والإصلاح لم تكن مقارنة للنهي، والأولى أن تقدر الإرادة لتكون فعلاً لفاعل الفعل المعلل، وقيل: لا يحتاج إلى تقديرها، فإن حذف اللام على القياس المستمر، قال صاحب "المفتاح": الأصل في المفعول له اللام، فإذا لم يجتمع ما ذكرنا، أي: من الشروط، التزم الأصل إلا في نحو: زرتك أن تكرمني، وأن تحسن إلي.
قوله: (لأن الحلاف مجترئ على الله) علة لجعل الحلاف مقدمة المذام.
وقوله: ((أَنْ تَبَرُّوا): علة للنهي) إلى آخره: معترض بين العلة والمعلول، وقوله: "ولذلك ذم": علة معلل محذوف، المعنى: ولا تجعلوا الله معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه؛ لأن تبروا وتتقوا، يعني: لأجل أن تكونوا أبراراً أتقياء يثق بكم الناس ويدخلونكم في وساطتهم، تبتذلون الله بكثرة الحلف به، وهذا من أشنع الأفعال، ولذلك ذم من أنزل فيه (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ) [القلم: 10]، وجعل الحلاف مقدمة المذام؛ لأن الحلاف مجترئ على الله تعالى، إلى آخره.