فتوح البلدان (صفحة 414)

وثمرها دفل ولصها بطل، إن قل الجيش فيها ضاعوا، وإن كثروا جاعوا، فقال له عُثْمَان: أخابر أم ساجع، قَالَ: بل خابر فلم يغزها أحدا، فلما كان آخر سنة ثمان وثلاثين وأول سنة تسع وثلاثين في خلافة علي بْن أَبِي طالب رضي اللَّه عنه توجه إِلَى ذلك الثغر الحارث بْن مرة العبدي متطوعا بإذن علي فظفر وأصاب مغنما وسبيا وقسم في يوم واحد ألف رأس، ثُمَّ إنه قتل ومن معه بأرض القيقان إلا قليلا، وكان مقتله في سنة اثنتين وأربعين والقيقان من بلاد السند مما يلي خراسان، ثُمَّ غزا ذلك الثغر المهلب بْن أَبِي صفرة في أيام معاوية سنة أربع وأربعين فأتى بنة والأهواز وهما بَيْنَ الملتان وكابل فلقيه العدو فقاتله ومن معه، ولقي المهلب ببلاد القيقان ثمانية عشر فارسا منَ الترك عَلَى خيل محذوفة فقاتلوه فقتلوا جميعا، فقال المهلب: ما جعل هؤلاء الأعاجم أولى بالتمشير منا فحذف الخيل فكان أول من حذفها منَ المسلمين وفي بنة يقول الأزدي:

ألم تر أن الأزد ليلة بيتوا ... ببنة كانوا خير جيش المهلب

ثُمَّ ولى عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر في زمن معاوية بْن أَبِي سُفْيَان عَبْد اللَّهِ بْن سوار العبدي، ويقال ولاه معاوية من قبله ثغر الهند، فغزا القيقان فأصاب مغنما، ثُمَّ وفد إِلَى معاوية وأهدى إليه خيلا قيقانية وأقام عنده، ثُمَّ رجع إِلَى القيقان فاستجاشوا الترك فقتلوه وفيه يقول الشاعر:

وابن سوار عَلَى عدته ... موقد النار وقتال السغب

وكان سخيا لم يوقد أحد نارا غير ناره في عسكره، فرأى ذات ليلة نارا فقال: ما هَذِهِ، فقالوا: امرأة نفساء يعمل لها خبيص فأمر أن يطعم الناس الخبيص ثلاثا وولى زياد بْن أَبِي سُفْيَان في أيام معاوية سنان بْن سلمة بْن المحبق الهذلي، وكان فاضلا متألها، وهو أول من أحلف الجند بالطلاق فأتى الثغر ففتح مكران عنوة ومصرها وأقام بها وضبط البلاد، وفيه يقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015