فتوح البلدان (صفحة 345)

وتباعد بسببه ما بَيْنَ أولادهما، فقال يونس بْن حبيب النحوي: أنا أدركت ما بَيْنَ آل زياد وآل ابن عَامِر متباعدا.

وحدثني الأثرم عن أَبِي عُبَيْدة، قَالَ: قاد أَبُو موسى الأشعري نهر الأبلة من موضع الأجانة إِلَى البصرة، وكان شرب الناس قبل ذلك من مكان يقال له دير قاووس فوهته في دجلة فوق الأبلة بأربعة فراسخ يجري في سباخ لا عمارة عَلَى حافاته، وكانت الأرواح تدفنه، قَالَ: ولما حفر زياد فيض البصرة بعد فراغه منَ إصلاح نهر الأبلة قدم ابن عامر من خراسان فلامه، وقال: أردت أن تذهب بشهرة هَذَا النهر وذكره، فتباعد ما بينهما وبين أهلهما بذلك السبب، وقال أَبُو عُبَيْدة: كان احتفاره الفيض من لدن دار فيل مولى زياد وحاجبه إِلَى موضع الجسر.

وروى مُحَمَّد بْن سَعْد عَنِ الواقدي وغيره أن عُمَر بْن الخطاب أمر أَبَا موسى بحفر النهر الآخر وأن يجريه عَلَى يد معقل بْن يسار المزني فنسب إليه، وقال الواقدي تُوُفِّيَ معقل بالبصرة في ولاية عُبَيْد اللَّه بْن زياد البصرة لمعاوية، وقال الوليد بْن هِشَام القحذمي، وعلي بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سيف المدائني. كلم المنذر بْن الجارود العبدي معاوية بْن أَبِي سُفْيَان في حفر نهر ثار، فكتب إِلَى زياد فحفر نهر معقل، فقال قوم: جرى عَلَى يد معقل بْن يسار فنسب إليه، وقال آخرون: بل أجراه زياد عَلَى يد عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بكرة أو غيره، فلما فرغ منه وأرادوا فتحه بعث زياد معقل بْن يسار ففتحه تبركا به لأنه من أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال الناس: نهر معقل، فذكر القحذمي أن زيادا أعطى رجلا ألف درهم، وقال له: أبلغ دجلة وسل عن صاحب هَذَا النهر من هُوَ، فإن قَالَ لك رجل:

إنه نهر زياد فاعطه الألف، فبلغ دجلة ثُمَّ رجع فقال: ما لقيت أحدا إلا يقول: هُوَ نهر معقل، فقال زياد: «ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ من يَشاءُ» 5: 54

طور بواسطة نورين ميديا © 2015