فتوح البلدان (صفحة 344)

لذلك فتربق ولدها كما يربق العنز يخاف بادرة العدو وأكل السبع، فإلا ترفع خسيستنا، وتجبر فاقتنا نكن كقوم هلكوا، فألحق عُمَر ذراري أهل البصرة في العطاء، وكتب إِلَى أبى موسى يأمره أن يحفر لهم نهوا.

فحدثني جماعة من أهل العلم، قَالُوا: كان لدجلة العوراء وهي دجلة البصرة خور، والخور طريق للماء لم يحفره أحد يجري فيه ماء الأمطار إليها ويتراجع ماؤها فيه عند المد وينضب في الجزر، وكان طوله قدر فرسخ، وكان لحده مما يلي البصرة غورة واسعة تسمى في الجاهلية الأجانة وسمته العرب في الإِسْلام الجزارة وهو عَلَى مقدار ثلاثة فراسخ منَ البصرة بالذرع الَّذِي يكون به نهر الأبلة كله أربعة فراسخ ومنه يبتدئ النهر الَّذِي يعرف اليوم بنهر الأجانة فلما أمر عُمَر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه أَبَا موسى الأشعري أن يحتفر لأهل البصرة نهرا ابتدأ الحفر منَ الأجانة وقادة ثلاثة فراسخ حَتَّى بلغ به البصرة فصار طول نهر الأبلة أربعة فراسخ. ثُمَّ إنه انطم منه ما بَيْنَ البصرة وبثق الحيرى وذلك عَلَى قدر فرسخ منَ البصرة.

وكان زياد بْن أَبِي سُفْيَان واليا عَلَى الديوان وبيت المال من قبل عبد الله ابن عامر بن كريز، وعبد اللَّه يومئذ عَلَى البصرة من قبل عُثْمَان بْن عَفَّان، فأشار علي بْن عَامِر أن ينفذ حفر نهر الأبلة من حيث انطم حَتَّى يبلغ به البصرة، وكان يربث ذلك ويدافع به.

فلما شخص بْن عَامِر إِلَى خراسان واستخلف زيادا أقر حفر أَبِي موسى الأشعري عَلَى حاله وحفر النهر من حيث انطم حَتَّى بلغ به البصرة، وولى ذلك عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبِي بكرة، فلما فتح عَبْد الرَّحْمَنِ الماء جعل يركض فرسه والماء يكاد يسقيه، وقدم ابن عَامِر من خراسان فغضب عَلَى زياد، وقال: إنما أردت أن تذهب بذكر النهر دوني فتباعد ما بينهما حتى ماتا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015