وأقبل خَالِد حَتَّى أتى البصرة وبها سويد بْن قطبة الذهلي، وقال غير أَبِي مخنف كان بها قطبة بْن قتادة الذهلي، من بكر بْن وائل ومعه جماعة من قومه وهو يريد أن يفعل بالبصرة مثل فعل المثنى بالكوفة، ولم تكن الكوفة يومئذ إنما كانت الحيرة، فقال سويد لخالد: إن أهل الأبلة قَدْ جمعوا لي ولا أحسبهم امتنوا مني إلا لمكانك، قَالَ له خَالِد فالرأي إن أخرج منَ البصرة نهارا ثُمَّ أعود ليلا فأدخل عسكرك بأصحابي فإن صبحوك حاربناهم ففعل خَالِد ذلك وتوجه نحو الحيرة، فلما جن عَلَيْهِ الليل انكفأ راجعا حَتَّى صار إِلَى عسكر سويد فدخله بأصحابه وأصبح الأبليون وقد بلغهم انصراف خَالِد عَنِ البصرة فأقبلوا نحو سويد، فلما رأوا كثرة من في عسكره سقط في أيديهم وانكسروا، فقال خَالِد: احملوا عليهم فإني أرى هيئة قوم قَد ألقى اللَّه في قلوبهم الرعب، فحملوا عليهم فهزموهم وقتل اللَّه منهم بشرا، وغرق طائفة في دجلة البصرة، ثُمَّ مر خَالِد بالخريبة ففتحها وسبى من فيها، واستخلف بها فيما ذكر الكلبي شريح بْن عَامِر بْن قين من بني سَعْد بْن بكر بْن هوازن، وكانت مسلحة للعجم، ويقال أيضا: أنه أتى النهر الَّذِي يعرف بنهر المرأة فصالح أهله، وأنه قاتل جمعا بالمذار، ثُمَّ سار يريد الحيرة وخلف سويد بْن قطبة عَلَى ناحيته، وقال له: قَدْ عركنا هَذِهِ الأعاجم بناحيتك عركة أذاتهم لك.
وقد روي أن خالدا لما كان بناحية اليمامة كتب إِلَى أَبِي بكر يستمده فأمده بجرير بْن عَبْد اللَّهِ البجلي فلقيه جرير منصرفا منَ اليمامة فكان معه وواقع صاحب المذار بأمره والله أعلم.
وقال الواقدي: والذي عَلَيْهِ أصحابنا من أهل الحجاز أن خالدا قدم المدينة منَ اليمامة ثُمَّ خرج منها إِلَى العراق عَلَى فيد والثعلبية ثُمَّ أتى الحيرة.