تعف هؤلاء الكفرة مما كرهوا في الطوامير، فقال عَبْد الملك: فرجتها عني فرج اللَّه عنك وضرب الدنانير. قَالَ عوانة بْن الحكم وكانت الأقباط تذكر المسيح فى رؤس الطوامير وتنسبه إِلَى الربوبية تعالى اللَّه علوا كبيرا، وتجعل الصليب مكان بسم اللَّه الرَّحْمَنِ الرحيم فلذلك كره ملك الروم ما كره واشتد عَلَيْهِ تغير عَبْد الملك ما غيره، وقال المدائني، قَالَ مسلمة بْن محارب: أشار خَالِد بْن يزيد عَلَى عَبْد الملك بتحريم دنانيرهم ومنع منَ التعامل بها وأن يدخل بلاد الروم شيء منَ القراطيس فمكث حينا لا يحمل إليهم.
قَالُوا: وكان المثنى بْن حارثة بْن سلمة بْن ضمضم الشيباني يغير عَلَى السواد في رجال من قومه فبلغ أَبَا بكر الصديق رضي اللَّه عنه خبره فسأل عنه، فقال له قيس بْن عاصم بْن سنان المنقري: هَذَا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد: هَذَا المثنى بْن حارثة الشيباني، ثُمَّ أن المثنى قدم عَلَى أَبِي بكر، فقال له يا خليفة رَسُول اللَّهِ استعملني عَلَى من أسلم من قومي أقاتل هَذِهِ الأعاجم من أهل فارس، فكتب له أَبُو بكر في ذلك عهدا، فسار حَتَّى نزل خفان ودعا قومه إِلَى الإِسْلام فأسلموا، ثُمَّ أن أَبَا بكر رضي اللَّه عنه كتب إِلَى خَالِد بْن الوليد المخزومي يأمره بالمسير إِلَى العراق، ويقال: بل وجهه منَ المدينة، وكتب أَبُو بكر إِلَى المثنى بْن حارثة يأمره بالسمع والطاعة له وتلقيه، وكان مذعور بْن عدي العجلي قَدْ كتب إِلَى أَبِي بكر يعلمه حاله وحال قومه ويسأله توليته قتال الفرس، فكتب إليه يأمره بأن ينضم إِلَى خَالِد فيقيم معه إذا أقام ويشخص إذا شخص، فلما نزل خَالِد النباج لقيه المثنى بْن حارثة بها