فتنه التكفير (صفحة 7)

والجواب: أن هذا قد يكون فسقا مرادفا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة وقد يكون الفسق مرادفا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر

وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى وذلك لأن الله عز وجل قال:} وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله {. إذ قد ذكر ربنا عز وجل هنا الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة المحقة المؤمنة ومع ذلك فلم يحكم على الباغية بالكفر مع أن الحديث يقول:] . . . وقتاله كفر [

إذا فقتاله كفر دون كفر كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة تماما

فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء وفسق وكفر ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفرا عمليا وقد يكون كفرا اعتقاديا

من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام - بحق - شيخ الإسلام ابن تيمية C وتولى ذلك من بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية إذ لهما الفضل في التنبيه والدندنة على تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة فابن تيمية يC وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية: يدندنان دائما حول ضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديما وبعض أذنابهم حديثا

وخلاصة القول: إن قوله صلى الله عليه وسلم] . . . وقتاله كفر [لا يعني - مطلقا - الخروج عن الملة

والأحاديث في هذا كثيرة جدا فهي - جميعا - حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي

فحسبنا الآن هذا الحديث لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي وليس الكفر الاعتقادي

فإذا عدنا إلى (جماعة التكفير) - أو من تفرع عنهم - وإطلاقهم على الحكام - وعلى من يعيشون تحت رايتهم بالأولى وينتظمون تحت إمرتهم وتوظيفهم - الكفر والردة فإن ذلك مبني على وجهة نظرهم الفاسدة القائمة على أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015