ولاشك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى:} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {و} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون {و:} ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون {هو الصواب
وقد أوضح أن الكفر كفران: أكبر وأصغر كما أن الظلم ظلمان وهكذا الفسق فسقان: أكبر وأصغر
فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله أو الزنى أو الربا أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفرا أكبر وظلم ظلما أكبر وفسق فسقا أكبر:
ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفرا أصغر وظلمه ظلما أصغر وهكذا فسقه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنههـ:] سباب المسلم فسوق وقتاله كفر [أراد بهذا صلى الله عليه وسلم الفسق الأصغر والكفر الأصغر وأطلق العبارة تنفيرا من هذا العمل المنكر
وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم:] اثنتان في الناس هما بهما كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت [أخرجه مسلم في صحيحه وقوله صلى الله عليه وسلم:] لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض [أخرجه البخاري ومسلم من حديث جرير رضي الله عنههـ والأحاديث في هذا المعنى كثيرة
فالواجب على كل مسلم ولا سيما أهل العلم التثبت في الأمور والحكم فيها على ضوء الكتاب والسنة وطريق سلف الأمة والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل
وعلى أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب والسنة وترغيبهم في الاستقامة عليه والتواصي والنصح في ذلك مع الترهيب من كل ما يخالف أحكام الإسلام
وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم ومسلك خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين في إيضاح سبيل الحق والإرشاد إليه والتحذير مما يخالفه عملا بقول الله سبحانه:} ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين {. وقوله عز وجل:} قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين {. وقوله سبحانه:} ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن {