الثالث: أن يكون خبريًا لا إنشائيًا. وهذان قسمان للكلام لا ثالث لهما على الأصح كما قال السيوطي:
مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالكِذْبِ الخَبَرْ ... وَغَيرُهُ الإنْشَا وَلاَ ثَالِثَ قَرْ
الكلام إما أن يكون خبرًا -وهو ما احتمل الصدق والكذب لذاته-.وإما أن يكون إنشاءا - وهو ما لا يحتمل الصدق والكذب لذاته - فإذا كان الفعل خبريًا صح دخول قد عليه. وإذا كان الفعل إنشائيًا لا يصح دخول قد عليه. والعلة هي العلة في عدم صحة دخولها على فعل الأمر.
فقد تدخل على الجملة الخبرية، نحو: قد بعت السيارة، وهذه من ألفاظ العقود فإن كان قد وقع البيع في الزمن الماضي صح دخول قد على بعت. وإن كان المقصود بها إنشاء البيع الآن يقول: تبيع السيارة. فيجيب: قد بعتك. فهذا لا يصح، لأن بعت ليس بفعل ماض من حيث المعنى، يعني لا يدل على شيء وقع وانتهى، إنما المراد إنشاء البيع الآن فدلالته على الحال. فحينئذٍ لا يصح دخول قد عليه.
الرابع: أن لا يفصل بين قد والفعل فاصل، فلا يصح: قد هو قال. وقد استثنى ابن هشام: القسم نحو: قد والله قام زيدٌ، لوروده في الشعر.
قد تأتي لمعانٍ، فإذا دخلت على الفعل الماضي أفادت التحقيق أو التقريب، يعني تدل من جهة المعنى على التحقيق أو التقريب.