الزمن من الحال إلى الاستقبال، وهو أصلاً لا يدل على الحال، لذلك اختصت بالفعل المضارع. [وَبِقَدْ] أي والفعل ميزه ورد بقد. وهنا دخلت الباء على قَدْ والباء حرف جر، ولا تدخل إلا على الأسماء. فنقول: قد هنا ليست بحرف، وإنما هي اسم بدليل دخول حرف الجر عليها، وإنما تكون حرفًا في التركيب نحو: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (المؤمنون:1) قد في هذا التركيب حرف، لأنه أفاد معنى التحقيق، فاستعمل مرادًا به اللفظ والمعنى. أما إذا قيل: قد حرف. أخبرت عنها بأنها حرف، فاستعمل مرادًا به اللفظ فقط دون المعنى. فحينئذٍ هي علم في هذا التركيب، لذلك يجوز إعرابها وتنوينها-كما سيأتي-[وَبِقَدْ] أي الحرفية، لأن قد تأتي اسمية، وتأتي حرفية. وقد التي تكون علامة الفعلية هي قدُ الحرفية، ولكنها لا تدخل على أيِّ فعل، وإنما تدخل على الماضي والمضارع، ولا تدخل على فعل الأمر. ولا يصح دخولها على كل فعل ماضٍ أو مضارع، وإنما تدخل بشروط أربعة:
الأول: أن يكون الفعل مثبتًا لا منفيًا. فنحو: قد ما قام لا يصح؛ لأنه منفي، وقد تفيد التحقيق، والتحقيق إنما يكون لشيء موجود، والمنفي معدوم؛ فكيف يحقق المعدوم؟!.
الثاني: أن يكون الفعل متصرفًا لا جامدًا، بمعنى أنه يأتي منه المضارع والأمر والمصدر واسم فاعل إلى آخره. فقد يكون التصرف تامًا، وقد يكون التصرف ناقصًا. فالجامد نحو: نِعْمَ وبِئْسَ، لا يصح دخول قد عليه -على الصحيح-،فلا يقال: قد نِعْمَ زيدٌ الرجل.