يقال: جئتك السمْن، يعني جئت من أجل أن آخذ السمن، اتفاقاً لا يصح وإنما يجب جره بلام دالة على التعليل، فتقول: جئتك للسمن، لأنَّ السمن ليس بمصدر. ومثال ما فَقَدَ اتحاد الزمن، قول الشاعر:
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَومٍ ثِيَابَهَا ... لَدَى السِّترِ إِلاَ لِبْسَةَ الْمُتَفَضِّلِ
فنوم مصدر، ونضَّت يعني خلعت لنوم، فالفاعل واحد، والنوم علة لخلع الملابس، وهل الزمن واحد؟ نقول: لا، لأنَّ الخلع سابق على النوم، فهي لا تخلع وتنام في وقتٍ واحدٍ، وإنما الخلع أوَّلا ثم النوم، إذًا أحدهما سابق على الآخر، ففقد اتحاد الزمن، لا بُدَّ أن يكون زمن الخلع وزمن المصدر وهو النوم واحدًا، وهنا الزمن مختلف، لأنَّ الخلع سابق على النوم. ومثله جئتك اليوم للإكرام غداً، وجب جره باللام، فالمجيء وقع اليوم، والإكرام الذي هو علة المجيء سيقع غداَ إذًا افترقا.
ومثال ما فَقَدَ اتحاد الفاعل، نحو: جاء زيد لإكرام عمرٍو له، ففاعل الإكرام وفاعل المجيء مختلف، فالإكرام الذي هو علة للمجيء لم يصدر من فاعل واحد، وإنما صدر من فاعلين، فاعل المجيء ليس هو عينه فاعل الإكرام، ففاعل الإكرام عمرو، وفاعل المجيء المتكلم. وقال الشاعر:
وَإِنِّي لَتَعْرُونِي لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ ... كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلهُ القَطْرُ