انتفى كونه مفعولاً لأجله، ومثال المستجمع للشروط قوله تعالى: (يجعلون أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (19))) [البقرة:19] فحذرَ منصوبٌ على أنه مفعول لأجله، وهو مصْدر، ومُعَلِّل للحدث المشارك له وهو يجعلون. وضابط المفعول لأجله أنه يصح أن يقع جواب لِمَ، ذكره الحريري فقال:
وَغَالِبُ الأَحْوالِ أَنْ تَرَاه جَوَابَ لِمْ فَعَلْتَ مَا تَهَوَاهُ
لِمَ يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق؟ جوابه: حذرَ الموت، إذًا صحَّ أن يقع جواباً للِمَ، فحذرَ نقول: هذا مصدر وهو منصوب، ذُكِرَ علَّةً وسبباً لجعل الأصابع في الآذان، وقوله: أصابعهم، مجاز مرسل، المراد به أطراف الأصابع، ولا يجعلون الأصابع كلَّها، يسمى مجازاً مرسلاً لإطلاق الكل مرادًا به الجزء، وزمنه وزمن الجعْل واحد، وفاعلهما واحد وهم الكافرون إذًا وجدت الشروط، فإذًا حذرَ مصدر منصوب على المفعولية لأجله وهو معلل لحدث شاركه، وزمن الجعل واحد مع الحذر، والفاعل واحد، وهم الكافرون، وصحَّ وقوعه في جواب لِمَ؟.
فلو فقد المعلل شرطا من هذه الشروط انتفى كونه مفعولاً لأجله، ووجب جره بحرف دال على التعليل، والأكثر أن يكون اللام، مثال ما فَقَدَ المصدرية قوله تعالى: ((هُوَالَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا (29))) [البقرة:29] لكم الكاف حرف خطاب، والمخاطَبون هم علة الخلق، لِمَ خلق ما في الأرضِ؟ لكم أنتم أي للمخاطبين، لكنه ليس بمصدر، فالكاف ليس بمصدر بل هو لفظ جامد، فالضمائر كلها جوامد ليست من المشتقات، إذًا المخاطبون هم علة الخلق، وخُفِضَ ضميرهم باللام لأنه ليس مصدرًا، ولا يصحُّ أن