أي هذا باب بيان حقيقة التمييز، والتمييز والحال يتفقان في أشياء ويختلفان. والتمييز تفعيل ميَّز يُميِّز تمييزاً، فهو مصدر، والتمييز معنى من المعاني وحكمه النصب -كما سيأتي- وهل الحكم ينصب على المعاني أو على الألفاظ؟ نقول: على الألفاظ لا على المعاني، فحينئذٍ إذا جاء التعبير بالمصدر لا بُدَّ من التأويل، فنقول: أطلق المصدر وأراد اسم الفاعل أي المميِّز.
إذًا باب التمييز ليس المراد بالتمييز عينه، لأن التمييز هذا مصدر وهو معنى من المعاني، والمعاني لا توصف بكونها منصوبة أو مرفوعة أو مخفوضة فلا بُدَّ من التأويل. فنقول هنا أَطلق المصدر وأراد به اسم الفاعل أي الكلمة المميزة.
التمييز في اللغة الانفصال ومنه قوله: (وامتازوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)) [يس:59] أي انفصلوا. ويقال فيه: تمييز ومميِّز وتفسير ومفسِّرٌ وتبيين ومبيِّن هذه كلُّها أسماء لمسمى واحد، ولذلك تجد بعض المفسرين يقول: هذا تبيين أو تفسير هكذا في إعراب القرآن وهذه عبارات الكوفيين، فإذا لم يعرف الطالب المصطلحات هذه فقد يُشكل عليه بعض المسائل، فالكوفيون لا يطلقون لفظ التمييز وإنما يعبرون عنه بتفسير وتبيين.