صارت من جهة المعنى معرفة. قال تعالى: ((وَمَاأَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208))) [الشعراء:208] فما نافية، وأهلكنا فعل وفاعل، ومن حرف جر زائد، وقرية مفعول به، وإلا أداة استثناء ملغاة، ولها خبرٌ مقدم، ومنذرون مبتدأ مؤخر. والجملة من المبتدا والخبر في محل نصب حال، وصاحب الحال قرية، والذي سوَّغ مجيء الحال منها وهي نكرة كونها عامةً، لأنها نكرة في سياق النفي ودخلت عليها من الاستغراقية فهي نص في العموم.
الرابع: التأخير عن الحال، نحو: فيها قائماً رجلٌ، هنا أُخِّر صاحب الحال عن الحال، فرجلٌ مبتدأ، وفيها خبر مقدَّم وقائماً حال، فصاحب الحال نكرة تقدمت عليه الحال، وهذا التقديم هو الذي سوَّغ مجيء الحال من النكرة. قال الشاعر:
لِمَيةَ مُوحِشًا طَلَلُ ... يَلُوحُ كَأَنَّهُ خِلَلُ
طلل مبتدأ مؤخر، وموحشاً حالٌ من طلل وهو نكرة، والذي سوَّغَ مجيء الحال منه كونُه مؤخراً.
[وَلاَ يَكُونُ غَالِبًا ذُو الحَالِ] أي صاحب الحال وهو مَن الحال وصفٌ له في المعنى [إِلاَّ مُعَرَّفًا] أي معرفة أو نكرةً معها مُسوغ، لأنه محكوم عليه فلا يكون نكرة إلا بمسوغ كما أن المبتدأ محكوم عليه فلا يكون نكرة إلا بمسوغ، لذلك قال غالباً لإدخال النكرة التي وُجد معها مسوغ. فاحترز بقوله: غالباً من بعض النكرات التي يوجد معها مسوِّغ فحينئذٍ يصح مجيء الحال منها، [فِي الاسْتِعْمَالِ] والاستعمال المراد به إطلاق اللفظ وإرادة المعنى.