وأما افتراقها فمن وجهين: أولاً: أن لا تكون لقصر القلب، وقصر الإفراد، وبل ولكن لقصر القلب فقط. تقول: جاءني زيد لا بكر، ردًّا على من اعتقد أن بكرًا جاء دون زيد، وهذا قصر قلب، أو أنهما جاءاك معًا، وهذا قصر إفراد، وتقول: ما جاءني زيد لكن بكر أو بل بكر، ردًّا على من اعتقد العكس، فهذا قصر قلب فقط، وحقيقة القصر هي إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه. أقول مثلاًً: جاء زيد، فقد يعتقد الشخص مجيء زيد فحينئذٍ هذا الحكم إن كان صواباً فلا إشكال، وإن كان خطأ فحينئذٍ يحتاج إلى تصحيح، فتقول: ما جاء زيد بل عمرو، نفيت المجيء عن زيد، وأثبته لعمرو فحصل قلب، أي قلب الاعتقاد عند السامع من اعتقاد مجيء زيد إلى اعتقاد مجيء عمرو بلا ونحوها، ومثله: ما جاء زيد لكن عمرو.

وقصر الإفراد يكون لمن يعتقد مجيئهما معاً، والواقع أن الذي جاء واحد، فحينئذٍ يريد أن يقصر الحكم على واحد منهما دون الآخر بل ينفيه عنه، فيقول: جاء زيد لا عمرو، إذاً حصل تعيين وإفراد، وهذا يسمى قصر الإفراد.

ولزيادة الإيضاح أقول: لا حرف عطف، تكون لقصر القلب وقصر الإفراد معاً، وبل ولكن لقصر القلب فقط، أقول: جاءني زيد لا بكر، فلا تفيد قصر الإفراد وقصر القلب، جاءني زيد لا بكر، أنت تعتقد أن الذي جاءني بكر، والأمر ليس كذلك، أريد أن أقلب لك الاعتقاد فأقول لك: جاءني زيد لا بكر الذي اعتقدته أنت. إذاً قلبت اعتقادك، فحينئذٍ جئت بلا لقصر القلب، فقلبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015