فِدَاءً) [محمد:4] وإما الواو هي التي عطفت وليست إما، بدليل لو كانت إما حرف عطف، فالواو باتفاق أنها حرف عطف، وهي أم حروف العطف، فحينئذٍ لصح دخول حرف العطف على حرف العطف، وهو ممتنع لا يجوز دخول حرف عطف على عطف، بل يدخل على اسم أو جملة. لذلك قال الجرجاني: عدُّها في حروف العطف سهو ظاهر.
[وَبَلْ لَكِنْ .. لاَ] هذه ثلاثة أحرف يُجمع بينها في الذكر، لأن بينها اجتماعاً وافتراقاً، تتفرق في أشياء وتجتمع في أشياء، إذاً بينها اجتماع واشتراك، وبينها افتراق أيضاً، فأما اشتراكها كلها فمن وجهين: أولاً: كونها عاطفة، فكلها تعطف ما بعدها على ما قبلها، فيكون آخذاً حكم ما قبلها؛ لأن ما بعدها يكون معطوفاً وما قبلها معطوفاً عليه، فحينئذٍ أخذ حكمه وشركته في اللفظ، وهذه هي التي تشرك في اللفظ فقط دون المعنى، وقد ذكرنا أن حروف العطف قسمان، ما يُشرِّك في اللفظ والمعنى وهذه ستة أو خمسة، ومنها ما يشرك في اللفظ فقط في الإعراب، أما المعنى فلا، وهذه ثلاثة: بل، ولا، ولكن، فهي عاطفة.
ثانياً: تفيد رد السامع عن الخطأ في الحكم إلى الصواب. تقول: ما جاء زيد لكن عمرو، إذاً رددت السامع عن الحكم الذي وقع فيه الخطأ إلى الصواب.