للضرورة، [وَلَعَلَّ وَكَأَنْ] هذه ستة أحرف، يكون النصب والرفع بها، فهذه حروف والأصل في الحرف أن لا يعمل، فإذا أعمل لا بد من سؤال لِمَ أُعملت هذه الأحرف؟ والجواب: أنها أشبهت الفعل لفظاً ومعنىً، أما من جهة اللفظ فإن أقل ما يوضع عليه الفعل ثلاثة أحرف، وكذلك الاسم، الواضع فرق بين الحرف والاسم والفعل من حيث الوضع، فوضع الحرف على حرفٍ واحد كباء الجر ولامه أو على حرفين كمن وعن، وما زاد على ذلك فهو خلاف الأصل. وأقل ما يوضع عليه الاسم والفعل معاً ثلاثة أحرف، وما زاد فهو على حسب ما يكون هل هو أصل أو لا؟ فيختلف الاسم عن الفعل ومبحثه فنّ الصرف. إذًا الأصل في الحرف أن يوضع على حرف أو حرفين فإذا وُجد في الحرف أنه موضوع على ثلاثة أحرف مثلُ إن وليت، أو على أربعة مثلُ كأن ولعل، أو على خمسة مثلُ لكن، نقول: قد أشبه الحرف الفعل من جهة اللفظ. وأما من جهة المعنى فعلى ما سيذكره المصنف من معاني هذه الحروف، وهي إن وأن بمعنى الفعل أُأَكِّد، ولكنّ بمعنى أستدرك، وليت بمعنى أتمنى، ولعل بمعنى أترجى، وكأن بمعنى أُشبه، فحينئذٍ هي من جهة المعنى تدل على ما دلت عليه الأفعال، فلهاتين العلتين اللفظية والمعنوية عملت هذه الأحرف، وجدت المشابهة فحُملت على الفعل وهذا هو السر في كون هذه الأحرف مع اختصاصها بالأسماء خرجت عن الجر، لأن الحرف نوعان: مختص، وغير مختص، ما كان مختصاً بالفعل فالأصل فيه أن يعمل، وإذا عمل هل يعمل مطلق