وهو كونها تنصب المبتدأ وترفع الخبر ثابتٌ لإن، والدليل هو النقل عن العرب، فالعرب نصبت بإن ورفعت بها، والقاعدة إنما تبنى على ما يُنقَل عن العرب، فإن نصبوا بإن ورفعوا بها نصبنا ورفعنا بها، وكل قاعدة مستنبطة عند النحاة فهي موضوعة وضعاً نوعياً لا باعتبار الآحاد، فالعرب نطقت: إن زيداً قائمٌ، فحينئذٍ إذا أردت أن تقول: إن بكراً عالمٌ، لا يشترط أن يكون منقولا عن لغة العرب، بل وضعت العرب إنَّ وأرادت بها التأكيد وتقرير الخبر والنسبة ثم نصبت الاسم ورفعت الخبر بها، فنقول: إذا أدرت أن تتكلم وتؤكد الخبر فتأتي به على هذا النمط، فقد وضعوا لك قاعدة عامة تسير عليها، وكل الذي يدرس تحت هذا الباب إنما هو دراسة للتقعيد والتأصيل، وهذا التقعيد والتأصيل منقول عن لغة العرب، لكن النقل يكون من جهة النوع لا الآحاد. إذًا نقول: إن وأخواتها هذه نصب بها العرب ورفعوا ووضعوها وضعاً نوعياً فنقيس عليه.
قوله: [لإِنَّ] اللام حرف جر، وإن ليست بحرف هنا، وإنما قصد لفظها فهي علم، حينئذٍ نقول الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر. [أَنْ] أي وأنْ على حذف حرف العطف لضرورة الوزن، أي وأنَّ بالتشديد وخففها من أجل الوزن، ولو قيل: أن بالتخفيف أيضاً جاز لأنَّ أنَّ وكذلك إنَّ تعملُ سواء كانت مثقلة أو مخففة بإسقاط إحدى النونين، فتصير على حرفين بعد أن كانت على ثلاثة، والمخففة تعمل لكن بشروط ذِكُرها في المطولات. [لَكِنَّ] أي ولكن يعني ينصب بلكن كما ينصب بإن، و [لَيْتَ] أسقط حرف العطف