عرفنا أن المبتدأ والخبر مرفوعان، وقد يسلبان هذا الحكم، فيدخل على المبتدأ ما يسلبه حكمه وهو الرفع، ويدخل على الخبر ما يسلبه حكمه وهو الرفع، فحينئذٍ المسلوب هو حكم المبتدأ والخبر، فالناسخ داخلٌ على الجملة لا على عين المبتدأ فقط، ولا على عين الخبر فقط، ولذلك يقال: نواسخ الجملة الاسمية، بمعنى أنَّ كان وأخواتها، أو إن وأخواتها، أو ظن وأخواتها، هذه تدخل على الجملة فلذلك تؤثر أثرين، وإلا لو كانت داخلة على المبتدأ فقط لما أثرت في الخبر. هذا ما يسمى بأبواب النواسخ، والنواسخ جمع ناسخ، وهو مأخوذ من النسخ، وهو في اللغة بمعنى الرفع والإزالة. وهذا مناسب للمعنى الاصطلاحي عند النحاة، يقال: نسخت الشمس الظل بمعنى أزالته، واصطلاحاً: ما يرفع حكم المبتدأ والخبر. ما اسم موصول بمعنى الذي يصدق على الفعل والحرف، أي فعل أو حرف يرفع حكم المبتدأ والخبر، إذًا دخوله على الجملة الاسمية، لا على المبتدأ فقط، هذه النواسخ منها ما يرفع المبتدأ وينصب الخبر وهو كان وأخواتها، ومنها ما ينصب المبتدأ ويرفع الخبر وهو باب إن وأخواتها، ومنها ما ينصب المبتدأ والخبر وهو باب ظن وأخواتها، وكلها تسمى أبواب النواسخ، والرفع الذي تحدثه كان بعد دخولها على المبتدأ ليس هو عين الرفع الذي كان قبل دخول كان، تقول: كان زيدٌ قائماً، أصل التركيب زيدٌ قائم دخلت كان على المبتدأ والخبر، فقيل: كان زيدٌ قائماً، فحصل النسخ للجزأين، نُسخ الرفع الذي وُجد بالابتداء، ثم جُلب إلى الاسم رفعٌ جديدٌ بكان، لأن زيدٌ قائم زيدٌ مرفوع بالابتداء وهو مبتدأ، والعامل فيه عامل