هذا ما يسمى بأغراض حذف الفاعل، ومحل بحثها في علم البيان قال السيوطي في عقود الجمان:
قُلْتُ وَلِلْمَفْعُولِ إِنَّمَا بُنِي ... لِكَونِهِ فِي الذُّكْرِ نُصْبَ الأَعيُنِ
أَوِ السِّيَاقُ دَلَّ أَوْ لاَ يَصْدُرُ ... عَنْ غَيرِهِ أَوْ كَونُهُ يُحَقَّرُ
كَذَاكَ لِلجَهْلِ وَالاِخْتِصَارِ ... وَالسَّجَعِ وَالرَّويِ وَالإِيثَارِ
[إِذَا حَذَفْتَ] أيها النحوي [فِي الكَلاَمِ] أي من الكلام [فَاعِلاَ] حالة كونك [مُخْتَصِرًا] أراد أن يختصر الكلام، فمثلا بدلا من أن يقول: روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا جائز. [أَوْ] تحذف الفاعل حالة كونك [مُبْهِمًا] على السامع يعني رغبة المتكلم في الإبهام، نحو: تُصُدِّق بألف دينار، لم يُرد أن يفصح بمن تصدق فقال: تُصُدِّق بألف دينار، ونحو: سُرق المتاع، وهو يعرف السارق لكن قال: سُرق المتاع قاصدا الإبهام على السامع. [أَوْ] تحذف الفاعل حالة كونك [جَاهِلاَ] به، كقولك أيضًا: سُرق المتاع إذا كان يجهل السارق، أو رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يعرف الراوي. ولكن هل الجهل بالفاعل يعتبر غرضا من أغراض حذف الفاعل؟ هذا محل نزاع، فابن مالك رحمه الله عدَّ الجهل غرضاً معنوياً، وبعضهم لا يرى ذلك لأن المجهول قد يعبر عنه باسم فاعل مشتق من مادة الفعل، فإذا قيل: سُرِق المتاع، حذفت الفاعل للجهل به، ولك أن تقول: سَرق السارقُ المتاع، فصار السارق فاعلاً لكن لم نستفد شيئا من ذكر الفاعل، وهو السارق لعدم تعيينه، لذلك قيل: لا يكون الجهل غرضاً من الأغراض، لأنه