ويفترقان في أربعة أمور كما ذكر ذلك ابن هشام رحمه الله تعالى:
الأول: المنفي بلما مستمر الانتفاء إلى زمن الحال، بخلاف لم فالمنفي بها قد يكون مستمرًا، وقد يكون منقطعًا. نقول: المنفي بلما مستمر الانتفاء إلى زمن الحال يعني إلى زمن التكلم، إذا قلت: لما يقم زيد، القيام منفي عن زيد إلى زمن النطق بالجملة، بخلاف لم فلا يشترط فيها ذلك قد يكون الحدث منفيا إلى وقت التكلم، وقد يكون منقطعًا قبل وقت التكلم، ونحو: {لَمْ يَلِدْ} نقول: هذا مستمر الانتفاء بدليل خارج عن النص. نحو: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (الإنسان:1) لم يكن شيئًا مذكورًا ثم كان، إذًا لا يشترط في المنفي بلم أن يكون مستمر الانتفاء إلى زمن التكلم، بل قد يكون مستمرًا وقد يكون منقطعًا. أما لما فلا، ولذلك لا يقال: لما يقم زيد ثم قام، هذا فاسد، ويصح لم يقم زيد ثم قام، وفرق بين الجملتين، لما يقم زيد ثم قام، هذا تناقض لأنك نفيت القيام إلى زمن التكلم بالجملة بقولك: لما يقم، فكيف تقول: ثم قام؟! فتثبت ما نفيته أوَّلا. ويصح لم يقم زيد ثم قام، لأن لم لا يشترط فيها أن يكون النفي مستمر الانتفاء إلى زمن التكلم.
الثاني: أن لما تؤذن كثيرًا بتوقع ثبوت ما بعدها. فنحو: {لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (ص:8) يعني إلى زمن التكلم فالعذاب منفي عنهم، ولكن فيه إشارة إلى أنهم سيذوقون العذاب فسيقع