غير الذي يطلبه إنّ مع وجود إنّ، نقول: العامل ليس مستقلاً في إحداث العمل بمجرده بل لابد من إرادة المتكلم، لابد من اجتماع إرادة المتكلم مع النطق بالعامل، لذلك قال: [إِذَا أَرَدْتَ الجَزْمَا] فاجزمه [بِلَمْ] حينئذٍ أنت الذي تريد الجزم فتحذف حركة الفعل المضارع فيكون سكونًا، وذلك إذا سلط عليه حرف من حروف الجزم وهولم. [بِلَمْ] حرف نفي وقلب وجزم باتفاق، حرف نفي لأنها تنفي وقوع الحدث الذي دل عليه الفعل، نحو: لم يقم زيدٌ، هذا فيه نفي لوقوع القيام. وقلب لأنها تقلب زمن الفعل المضارع من الحال والاستقبال إلى الزمن الماضي، لم يقم زيد يعني في الزمن الماضي. وجزم، لأنها تحدث الجزم في الفعل المضارع، فتسقط حركته مع إرادتك أنت. [لَمْ] نقول مثل: {لَمْ يَلِدْ} (الإخلاص:3) لم: حرف نفي وقلب وجزم مبني على السكون لا محل له من الإعراب، يلد: فعل مضارع مجزوم بلم وجزمه السكون. [لَمَّا] أختها بمعنى أنها مثلها في كونها حرف نفي وقلب وجزم، مثل: {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} (عبس:23).إذًا هي مثل لم مثلها من حيث الجملة في كونها جازمة، لكن يذكر النحاة كابن هشام وغيره أن لم ولما يتفقان ويفترقان، يتفقان في أمور: الأول: في النفي. الثاني: في القلب أي قلب زمانه إلى المضي. الثالث: في الجزم. الرابع: في الاختصاص بالفعل المضارع. الخامس: في قبول همزة الاستفهام وهي همزة التقرير، فيقال: ألم وألما. السادس: في حرفيتهما. هذه ستة أمور يشتركان فيها لم ولما.