الفاء عند البصريين وهو الأصح؛ لأن الأصل في الفاء أنها تكون عاطفة، وحينئذٍ الحرف الذي يكون للعطف الأصل فيه أنه لا يعمل. ولذلك ضُعِّف في باب التبعية القولُ برفع أو نصب أو جر المعطوف على المعطوف عليه أن يكون العامل هو الواو. نحو: جاء زيد وعمرو، فعمرو مرفوع، والرافع له عند بعضهم الواو وهذا ضعيف جدًا. فإذا لم يكن النفي محضًا، تعين الرفع، نحو: ما تزال تأتينا فتحدثُنا، بالرفع لأن زال للنفي، وما للنفي أيضًا، ونفي النفي إثبات، حينئذٍ لا يصح أن يكون المضارع منصوبًا بعد فاء السببية، لأن الشرط قد تخلف، ولو اعتبرت الفاء أنها سببية فقد وُجِد أحد الشرطين، وانتفى الآخر، لأن الشرطين: أن تكون الفاء للسببية، وأن تكون مسبوقة بنفي محض. وهنا لو اعتبرت سببية لكنها لم تسبق بنفي محض وإنما سبقت بإثبات. كذلك قولك: ما تأتينا إلا فتحدثُنا، بالرفع لأن ما حرف نفي، وإلا إثبات، فما بعد إلا مثبت، وحينئذٍ انتقض النفي بإلا، فانتفى أحد شرطي نصب الفعل المضارع بعد فاء السببية. وأما الطلب بالفعل، فهو ما يسمى بالأجوبة الثمانية وهي المجموعة في قول القائل:

مُرْ وَانْهَ وَادْعُ وَسَلْ وَاعْرِضْ لِحَضِّهِمُ ... تَمَنَّ وَارْجُ كَذَاكَ النَّفْيُ قَدْ كَمُلاَ

مر: أي إذا وقعت الفاء أو الواو في جواب الأمر، وانه أي النهي إذا وقعت الفاء أو الواو في جواب النهي، فإذا وقعت الفاء في جواب الأمر نصب المضارع بعد الواو أو الفاء لوقوعه في جواب الطلب. ونوع هذا الطلب أمر، كذلك النهي إذا وقعت الفاء أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015