والواو الواقعتان في الجواب، لأن الناصب عند الكوفيين هو الواو نفسها لا الجواب، وهنا قال: والجواب بالفاء يعني أن الجواب بالفاء هو الناصب، نقول: لا، ليس الجواب هو الناصب على مذهب الكوفيين، وإنما الفاء والواو الواقعتان في الجواب، إذًا في الجملة تقديم وتأخير يعني فيها قلب. والفاء هنا يشترط أن تكون للسببية، بأن يكون ما بعدها مسبَّبا عما قبلها، وما قبلها سبب في حصول ما بعدها، ويشترط أيضًا أن تكون مسبوقة بنفي محض خالص من الإثبات، أو طلب بالفعل لا باسم الفعل، سواء كان فيه معناه دون حروفه أو حروفه ومعناه. فالنفي مثل قوله تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} (فاطر:36) فلا نافية، ويقضى: فعل مضارع مغير الصيغة مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم ورفعه ضمة مقدرة على آخره، فيموتوا: الفاء للسببية وقعت في جواب النفي بمعنى أن النفي قد سبقها، ويموتوا فعل مضارع منصوب بالفاء - لأن الفاء هي الناصبة بنفسها عند الكوفيين- ونصبه حذف النون، لأنه من الأمثلة الخمسة، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. وعند البصريين - وهو الأصح - منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد الفاء. وتقول أيضًا: ما تأتينا فتحدثَنا، فما نافية، وتأتينا تأتي: فعل مضارع مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم ورفعه ضمة مقدرة على آخره، وما هذه نافية لا تعمل، والشاهد في قوله: فتحدثنا، الفاء فاء السببية، وتحدث: فعل مضارع منصوب بالفاء السببية عند الكوفيين، وبأن مضمرة وجوبًا بعد