حينئذٍ أريد بها معناها. وإذا أخبر عنها أو بها حينئذٍ قصد لفظها لا معناها. ولذلك قال ابن مالك رحمه الله في الكافية:
وَإِنْ نَسَبْتَ لِأَدَاةٍ حُكْمَا ... فَاحْكِ أَوِ اعْرِبْ وَاجْعَلَنْهَا اسْمَا
نقول في إعراب جملة ضرب فعلٌ ماضٍ: ضرب مبتدأ، ويجوز فيه ثلاثة أوجه: ضربَ على الحكاية، وضربُ معربًا مع المنع من الصرف، وضربٌ معربًا مع الصرف. ونقول أيضًا: مِنْ حرف جر، فمن مبتدأ، ويجوز فيها ثلاثة أوجه: مِنْ على الحكاية، ومِنُ معربةً مع المنع من الصرف، ومِنٌ معربة مع الصرف. [بِأَنْ] المصدرية مفتوحة الهمزة ساكنة النون، فخرجت إنْ النافية، والزائدة، وأنْ المخففة من الثقيلة. وتسمى المصدرية أم الباب، لأنها تعمل ظاهرة ومضمرة، وما عداها لا تعمل إلا ظاهرة. وهكذا كل حرف يُتصرف فيه في بابه، يقال فيه: أم الباب. وسميت مصدرية لأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر، تؤول أي تفسر، والتأويل هو التفسير، فيصح أن تأتي بمصدر محل أنْ ومدخولها الفعل المضارع، نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} (الحديد:16) نقول: أَنْ تَخْشَعَ أن حرفٌ مصدريٌّ لأنها تؤول مع ما بعدها بمصدر، وهو تخشع، فحينئذٍ يحل محلها مصدر تخشع وهو الخشوع، فيقدر: ألم يأن للذين آمنوا خشوع قلوبهم، وهو فاعل يأن، وقد يكون مبتدأ كما في نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (البقرة:184) وقد يكون مفعولا به كما في نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}