بل دُم على التقوى، ومثله: ((يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ)) [النساء:136] قوله: يأيها الذين آمنوا إذاً أثبت لهم صفة الإيمان، ثم قال: آمنوا أي طلب المداومة على الإيمان أي حافظوا ودوموا على إيمانكم، فحينئذ يطلب بفعل الأمر حصول ما لم يحصل، أو دوام ما قد حصل، والأصل فيه أن يكون معدوماً، فحينئذ إذا ورد الإشكال في نحو: ((يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1))) تقول: المطلوب المداومة، والأصل أنها معدومة فلم يخرج عن الأصل.
ثم قال: [وَمُضَارِعٌ عَلاَ] بمعنى ارتفع عن أخويه الماضي وفعل الأمر، وذلك بكونه معرباً، والإعراب أشرف من البناء، ولذلك الأًصل في الأسماء الإعراب، والأصل في الأفعال البناء، فهما أصلان متضادان، لأن الإعراب والبناء ضدان، فإذا جاء اسم مبني تقول: لِمَ بني؟ فيسأل عنه، لأنه قد خرج عن أصله، وإذا جاء فعل معرب كالمضارع تقول: جاء على خلاف أصله، فحينئذ لا بد من السؤال لِمَ أعرب الفعل المضارع؟
إذاً الأصل في الأسماء الإعراب، وضابط الاسم المعرب: هو الذي لم يشبه الحرف، فإن أشبه الحرف فهو مبني، فالأول أصل والثاني فرع. والأًصل في الفعل البناء، والإعراب فيه فرع، ولذلك جاء نوعان من الفعل مبنيان: وهما الفعل الماضي، وفعل الأمر، فالفعل الماضي هذا متفق عليه بين البصريين والكوفيين، وفعل الأمر على الأصح على مذهب البصريين، وسيأتي مذهب الكوفيين. وأما الفعل المضارع ففيه تفصيل: الأصل فيه عند التجرد من نون الإناث