سمي ماضياً باعتبار زمانه المستفاد منه، هكذا قال الفاكهي في شرح قطر الندى. وقدم الفعل الماضي على فعل الأمر والمضارع؛ لأنه مبني باتفاق، وأما فعل الأمر فهو مبني على الأرجح، وأما المضارع فهو معرب، وإن كان الأصل فيه أنه مبني، لكن يبنى في حالتين كما سيأتي، ويبقى الأصل أنه معرب.
ثم قال: [وَفِعْلُ أَمْرٍ] ثنى بفعل الأمر لكونه مبنياً على الأرجح، [وَفِعْلُ أَمْرٍ] فعل مضاف، وأمر مضاف إليه، وهذه الإضافة من إضافة الدال إلى المدلول يعني فعل يدل على الأمر، وحدُّ فعل الأمر: هو ما دل على حدث يُطلب حصوله بعد زمان التكلم. قوله: ما اسم موصول، وهو جنس يعم الأفعال الثلاثة، قوله: دل على حدث يطلب حصوله خرج المضارع والماضي؛ لأن المضارع والماضي لا يدل على حدث يطلب حصوله، وإنما يدل المضارع على حدث يقع في الزمن الحال، ويدل الماضي على حدث قد وقع وانقطع، ولذلك قالوا: فعل الأمر مستقبل أبدا؛ لأنه يطلب به حصول مالم يحصل، نحو: قم أنت، إذا أمرت من لم يقم، إذاً طُلب بفعل الأمر حصول قيام لم يحصل، أو دوام ما حصل، يعني لا يشترط في فعل الأمر أن يكون حدثه معدوما، بل يطلب به حصول مالم يحصل وهذا لا إشكال فيه أنه معدوم، أو دوام ما قد حصل، فهذا باعتبار أصل الفعل موجود، لكن الطلب هنا باعتبار المداومة، وهي معدومة كقوله: ((يَا أَيُّهَاالنَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ (1))) [الأحزاب:1] اتق: فعل أمر، وليس المراد به تحصيل التقوى وإيجادها بعد أن لم تكن،