من الصرف والكسرة معًا. وأما قوله: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فهذه الكسرة هي إعراب على الأصل، ومُنع التنوين لعارضٍ، وهو أن التنوين - تنوين الصرف - لا يجامع أل، فإذا دخلت أل على الاسم الممنوع من الصرف أو أضيف رجع إلى أصله وهو الجر بالكسرة ودخول التنوين، كما قال ابن مالك:
وَجُرَّ بِالفَتْحَةِ مَا لاَ يَنْصَرفْ ... مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ
يقال: مررت بمساجدَ، ثم يقال في المساجد والفرق بينهما: بمساجد هذا أشبه الفعل -لما سيأتي- والفعل لا تدخل عليه أل، فلما أشبه مساجد الفعل ولم تدخل عليه أل كان الشبه قويًا، ولما دخلت عليه أل وأل من خصائص الأسماء ضَعُف الشبه؛ لأن الممنوع من الصرف إنما منع من الصرف لكونه أشبه الفعل ما لم يدخل عليه ما يبعد شبهه من الفعل فحينئذٍ يعود إلى أصله، كذلك الإضافة من خصائص الأسماء، فإذا أضيف الاسم الممنوع من الصرف بعُد شبهه بالفعل المضارع، فحينئذٍ رجع إلى أصله. إذًا قوله: [وَاخْفِضْ بِفَتْحٍ كُلَّ مَا لاَ يَنْصَرِفْ] ليس على إطلاقه وإنما يقال ما لم تدخل عليه أل، أو يضف، فإن دخلت عليه أل كما في قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} نقول: رجع إلى أصله فحينئذٍ يخفض بالكسرة على الأصل، كذلك ما لم يضف، فإن أضيف كما في قول تعالى: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين:4) نقول: رجع إلى أصله فحينئذٍ يخفض بالكسرة على الأصل.