وإلا تقول: مررت بمساجدَ كثيرة، الباء: حرف جر، ومساجد: اسم مجرور بالباء، وجره الفتحة نيابة عن الكسرة، لأنه ممنوع من الصرف وهو جمع تكسير على صيغة منتهى الجموع.

وقد ذكرنا أن الصرف هو تنوين التمكين، وهو اللاحق للأسماء المعربة دالا على تمكنها في باب الاسمية بحيث لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيمنع من الصرف، إذًا الاسم نوعان: إما مبني وهو غير المتمكن, وإما معرب وهو المتمكن وهذا نوعان: متمكن أمكن وهو المعرب المنصرف الذي يدخله الجر والتنوين، ومتمكن غير أمكن وهو المعرب الممنوع من الصرف يعني الذي لا يدخله تنوين الصرف فقط، وقيل: الممنوع من الصرف ممنوع من شيئين: من التنوين ومن الجر بالكسرة معًا. ومحل الخلاف يظهر في نحو قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (البقرة:187) فمساجد: ممنوع من الصرف، ولذلك لم ينون في قوله: {وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} (الحج:40) ومحل الخلاف إذا قلنا: مساجد ممنوع من الصرف حينئذٍ لو دخلت عليه أل كقوله: {فِي الْمَسَاجِدِ} المساجد: هل هو ممنوع من الصرف أو لا؟ من جعل الممنوع من الصرف ممنوعًا من التنوين والجر معًا فعنده أنه رجع إلى أصله فهو مصروف. ومن قال: إنه ممنوع من الصرف فقط، جعله ممنوعا من الصرف حكمًا، لأنه ممنوع من الصرف الذي هو التنوين، والتنوين غير موجود، ووجود الكسرة لا يستلزم صرفه، والأصح أنه ممنوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015