إثبات كمال الله تعالى، وأنه لا شبيه له في صفاته، ولا يمكن أن يُراد بها بيان انتفاء الصفات عنه، إذ لا ريب أن من دلّ الناس على انتفاء الصفات عن الله بمثل هذا الكلام، فهو إما ملغز في كلامه، أو مدلس، أو عاجز عن البيان، وكل هذه الأمور ممتنعة في كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فإن كلامهما قد تضمّن كمال البيان والإرادة، فليس المقصود به إرادة ضلال الخلق والتعمية عليهم، وليس فيه نقص في البيان والفصاحة.
ثالثاً - إن السابقين الأولين من المهاجرين، والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان كانوا قائلين بالباطل وكاتمين للحق، أو جاهلين به؛ فإنه قد تواتر النقل عنهم بإثبات صفات الكمال لله، الذي زعم هؤلاء أنه باطل، ولم يتكلموا مرة واحدة بنفي الصفات الذي زعم هؤلاء أنه الحق، وهذا اللازم ممتنع على خير القرون وأفضل الأمة.
رابعاً - أنه إذا انتفت صفة الكمال عن الله لزم أن يكون متصفاً بصفات النقص، فإن كل موجود في الخارج فلا بد له من صفة، فإذا انتفت عنه صفات الكمال لزم أن يكون متصفاً بصفات النقص، وبهذا ينعكس الأمر على هؤلاء النفاة، ويقعون في شرّ مما فروا منه.