فإن قال قائل: هذا مقبول إذا كان الصحابي اثنين، لكن إذا كان الصحابي واحدًا، نقول: الصحابي من روى عنه عدد كثير فسمعه أحد الرواة يقول: "حتى تعتدل"، وآخر يقول: "حتى تطمئن"، وإنما قلنا ذلك لأن من قال: "حتى تطمئن" فقد أتى بمعنى "حتى تعتدل"، وزيادة فنأخذ بهذا ونقول: حتى تعتدل تحمل على حتى تعتدل وتطمئن، وكما في الجلوس بين السجدتين فإنه قال: "حتى تطمئن ساجدًا". قال:
257 - ومثله في حديث رفاعة بن رافع عند أحمد وابن حبان: "حتى تطمئن قائمًا".
هذا ليس فيه إشكال، السبب: تعدد الصحابي، وكما قلنا: أن القريب يسمع أكثر مما يسمع البعيد على أن فيه احتمالًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حتى تعتدل"، ثم أعاد وقال: "حتى تطمئن" فنقول: الحمد لله ليس هناك تناقض، والمراد: الطمأنينة. قال:
- ولأحمد: "فأقم صلبك حتى ترجع العظام".
أخذ بعض العلماء من هذا أنه إذا رفع من الركوع أرسل يديه، وقال: "حتى ترجع العظام" يعني: إلى طبيعتها، ومن جملة العظام اليدان، لكن هذا المأخذ مغالاة في التعميم؛ لأن الكلام على العظام التي تتأثر بالركوع وهي الصلب والورك وما أشبه ذلك، ثم لدينا حديث أحسن من هذا في الدلالة، وهو ما رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل كفه اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" كلمة "في الصلاة" تشمل كل الصلاة، لكن من المعلوم أنه يخرج الركوع، لأن اليدين على الركبتين، ويخرج السجود؛ لأن اليدين على الأرض، ويخرج الجلوس؛ لأن اليدين على الفخذين، يبقى الوقوف الذي قبل الركوع، والذي بعده يدخل في العموم، الإمام أحمد رحمه الله قال: إن الإنسان إذا رفع من الركوع مخير. الآن استثنينا الركوع والسجود والجلوس من عموم "في الصلاة" والعادة أن المستثنى يكون أقل من المستثنى منه هذا هو الراجح، حتى إن بعضهم لم يصحح الاستثناء إذا كان المستثنى أكثر قالوا مثلًا: إن الرجل إذا قال للشخص: له عندي عشرة إلا سبعة يلزمه عشرة؛ لأن هذا الاستثناء غير صحيح، إذا كان المستثنى أكثر فاذكر المستثنى، واقصر عليه قل: عندي له سبعة دراهم، أما أن تقول عشرة إلا سبعة، فهذا قلب.
على كل حال: الذي يظهر لي والذي نعمل به ومشايخنا هو أن ما بعد الركوع كالذي قبل