يجدد للركوع نية"؛ يعني ينوي الركوع الأحدب الذي لا يمكنه، قال ابن عقيل رحمه الله: "كفلك في العربية" ما معناها؟ معناها: أن فلك تصلح للمفرد والجمع فتقال في المفرد، وتقال في الجمع، قال الله- تبارك وتعالى-: {والفلك التي تجرى في البحر} [البقرة: 164]. هذا مفرد أم جمع؟ مفرد تجري، وقوله: {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم} [يونس: 22]. هذه جمع، لا شك أن التشبيه هذا قاله على سبيل التقريب وإلا ما يشبه الفقه بالنحو، ويذكر أن أبا يوسف صاحب أبي حنيفة والكسائي كانا عند هارون الرشيد فادعى الكسائي أن من كان جيدًا في علم النحو أمكنه أن يتلف الفقه، قال: لأنه مادام أجاد فنا من الفنون يمكنه أن يتلف فنًا آخر، فقال له أبو يوسف: أرأيت لو سها في سجود السهو؟ قال الكسائي: لا، قال من أين أخذت هذا؟ قال: من قواعد النحو، قال: عندي قاعدة أن المصغر لا يصغر، والسجود بالنسبة للصلاة مصغر، هذه ذكرت في حاشية الروض المربع، والله أعلم بصحتها.
إذا كان الإنسان لا يمكنه الركوع لكنه يمكنه القيام فماذا يصنع؟ يومئ فيه الركوع ويحني ظهره بقدر المستطاع، إذا كان ظهره منحنيًا كالراكع فكيف يركع؟ بالنية. "ثم اركع حتى يطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا" "وتطمئن قائمًا"؛ يعني: لابد من الاعتدال والطمأنينة، الطمأنينة كما قال الفقهاء: السكون وإن قل، وعلى القول الآخر: السكون بقدر الذكر الواجب، ومعلوم أن القيام بعد الركوع ليس فيه ذكر واجب إلا قول: "ربنا لك الحمد" للإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه يقول: "ربنا ولك الحمد"، في حال نهوضه من الركوع، "ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا"، ولم يبين في هذا الحديث كيف السجود وعلى أي عضو يسجد، ولكن قد جاءت به السنة في مواضع أخرى يسجد على الأعضاء السبعة، وهي: الجبهة، ويتبعها الأنف واليدان؛ أي: الكفان، والركبتان، وأطراف القدمين، ويقال في "حتى تطمئن" ما قيل في "حتى تطمئن راكعًا".
ومن فوائد هذا الحديث أيضًا: وجوب الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين لقوله: "ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا"، هل نقول" يكتفي بالقول: إن الجلوس بين السجدتين من الأركان، أو لابد أن نقول: الرفع من السجود والجلوس، يعني: نعدهما شيئين؟ الجواب: الثاني؛ لأننا نقول: الرفع الجلوس.
فإن قال قائل: إذا جلس فقد رفع، فلا حاجة أن نقول: الرفع.
والجواب: أن يكون هناك حاجة لو أنه كان ساجدًا وسمع وجبة- يعني: شيء له صوت، ثم فزع وهو ساجد، وقام وقال: ما دام قمت (لا أرجع) يستقيم أولا يستقيم؟ لا يستقيم؛ لأنه لابد